قناع الصمت

لمحته في حديقة قريبة ، رجل أربعيني ، صغير القد ، واضحة بشدة علامات الحت و التعرية و السحق التي مارستها عليه عوامل الزمن بسادية ومن دون رحمة ، سحنته و انحناءة قوامه المختصر في الأصل.... كل ذلك لم يكن ما لفتني ولكن تلك "السيكارة" الكنج سايز والمطفأة بين شفتيه التي يقلبها ذات اليمين و ذات اليسار مقلدا بها ربما أحد "الأفندية" عله يستمد من حركات تلك اللفافة شيئا من العظمة .... قام من مقعده ليحاول أن يكمل عبر خطواته و طريقة مشيته تلك الصورة التي يشتهيها و كدت أن أقتنع بها من خلال مراقبتي له.... لكن انهار المشهد تماما عندما قابل صديقا له و أضطر لاستخدام صوته...صوت منخفض الرنين منكسر يحمل مخذونا متراكما ربما منذ ولد من القهر و الحرمان و العيش على هامش الحياة.... هنا أدركت لما يحافظ بعض الأذكياء على حالة الصمت...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إبتسامة ذئب

غلطة قاتلة...

أنت أيضا لك عينان...