يوما بعد يوم أقتنع أن نظرية داروين و كذلك نظرية خلق آدم كلتاهما صحيحتان .... فليس من العدل ولا أقبل أن أكون مع السفاحين و القتلة و اللصوص من أصل واحد .
في الليلة التاسعة والعشرين من شهر رمضان صعد أهل القرية مع شيخ الجامع إلى تلة مرتفعة يلتمسون هلال العيد بعد عناء شهر كامل من الصوم و العبادات المكثفة ...طال الترقب ولم يظهر الهلال ...فجأة يصرخ سلوم عامل المطحنة ... ليكو ليكو ايوالله شفتو... فيستبشر الناس وينهالون على سلوم بالقبل و التهاني لكونه أول من شاهد هلال العيد ... هنا ترتفع معنويات عامل المطحنة فقد حقق شيئا دون الآخرين فتأخذه الفرحة إلى رغبة بالمزيد ...ينظر ثانية إلى الأفق الغربي ويصرخ كمن مسه الجن : والله هايكلو ويحيد تيني - يقصد هلال آخر - فتصيب الخيبة الجميع ... كانت تهيؤات لسلوم بسبب ما علق بنظارته السميكة من قش و غبار حبوب المطحنة ....نام ليلتها أهل القرية دون عيد .
بدأنا بمرحلة جلد الذات بطريقة فيها الكثير من الفصام ، كل فرد بمجتمعنا ينتقد المجتمع ، العبارات الدارجة الآن : شعب فاسد - شعب جحش - شعب منافق - خانع صامت تابع..... إلخ... لقد وصلنا إلى حالة غريبة في ظاهرها ، الكل يتنصل من مجتمعه و يترفع عنه واضعا نفسه على تلة مرتفعة يراقب من فوق و من بعيد ومن الخارج.... لا يا صاح مجتمعك هو أنت ولا يرتقي إلا بك.... لكن مهلا هذا الشعور أنك الصالح وأنك من خارج السرب قد يكون البداية التي تنتظر الشرارة لإيقاد حركة التغيير والنهوض التي يجب أن لا تتأخر وهي بكل حال ستبدأ بك أنت الفرد عندما تعي أن كل لبنة في البناء هي بأهمية المشروع كله .
العيش في صندوق يحد من الرؤيا ، والمرئيات هي خبز العقل و خاماته الأولية ، العقل حرية ... الصناديق قد تكون من حديد و أخطرها ما صنعت من أفكار مطلية برهبة القداسة , صنعت خصيصا لك لسلبك ذاتك وتكون عبدا لآلهة من ورق تسكن فيك فتمحيك .... إن لم تر الله في آياته وعبدته تقليدا واتباعا للناعقين... أعد حساباتك.... يريدك الله حرا..