مفتاح أبي خليل...
منذ أيامي الأولى في المدرسة كنت أسير القلق من الوصول متأخرا إليها ، مما جعلني أصل قبل رنين الجرس بوقت طويل ، وقبل وصول الآذن حتى ..و إنتقالي لاحقا إلى الجامعة في دمشق لم يعدل أبدا في سلوكي ذاك إلا إلى الأسوأ ، كنت أصل إلى مدخل كلية طب الأسنان قبل "الشحادة و بنتا " و خيوط الشمس الأولى لم تكد تطل على أفق الغوطة الشرقية ، ولن يظهر أول الطلبة قبل ساعة على الأقل حيث يبدأ التجمهر و اللغط و التزمر من الباب المقفل خاصة أيام شتاء الشام القارس ، يطرق أحدهم الباب ثم آخر و آخر لإيقاظ الآذن أبي خليل النائم في الداخل لسبب لازلت أجهله ، لم يرق الحال كثيرا لا للطلاب و لا لأبي خليل راعي المفتاح الذي يوقظونه مزعورا كل صباح ، لا أدري كيف حصل ذلك و لكن اتفق الجميع على تكليفي بحمل مفتاح الكلية و كذلك مفتاح مدرجها الوحيد الذي يدعونه " المدرج الرئيسي " علهم في ذلك يدرؤن المشاجرات التي نتصبح بها يوميا مع آذن الكلية .تخرجت في الكلية و افتتحت عيادتي الخاصة و لم أك موظفا عند أحد ، لكن ذات الشعور الضاغط كان يحضرني إلى عيادتي كل صباح قبل الموعد الذي حددته أنا بنفسي لدوام عملي بساعتين تقربيبا لأن عقدة أبي خليل مازالت كالفيروس الذي استوطن برنامج تشغيل جملتي العصبية .ها أنا ذا أنتظر بعد أسابيع أو أشهر قليلة إحالتي إلى التقاعد مودعا ذلك الوسواس القاهر الذي كان يجبرني على القيام من دفء فراشي قبل أن تستيقظ دجاجات الجيران لكن ما يقلقني الآن .. إلى من أسلم ذلك المفتاج الصدئ ! سأرميه من النافذة و أقوم من راحة الفراش إلى صلاة الفجر مسلما مفاتيح روحي إلى من هو أرحم بعباده من أحضان أمهاتهم .
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليق