نعمة الألوان
نظنها خُلقت عبثاً أو متعةً للأنظار ...لا بل الألوان و الأنواع و الأشكال كنوزٌ مكنونة لمن يعي و يدرك..
مختصو التغذية ينصحونا دوما بالإنتباه إلى ألوان الطعام ، وعلى وجه الخصوص الخضار والفاكهة ، هذا التوجه لم يأتِ عبثاً ، فإختلاف الألوان يشير إلى توزع العناصر الغذائية من أملاح معدنية و فيتامينات و كاربوهيدرات و غيرها ، وتنويعنا للوارد الغذائي سيضمن لنا الحصول على جميع إحتيجاتنا الغذائية ، عكس ذلك فيما لو إقتصر طعامنا على ألوان بعينها و أنواع ثابتة ، سيجعلنا معرضين لإصابات مختلفة كفقر الدم أو نقص فيتامينات أو حتى إضطرابات عصبية ...
كما هو الغذاء متنوع ، فهذا ينطبق على جوانب مختلفة من حياتنا و محيطنا ،
و سأضرب مثلا : " الحركة " فمقابل الحركة هناك السكون و الخمول ، أنت بحاجة إلى الحركة لتخافظ على لياقتك و هيكلك العظمي و نشاط أعضائك الداخلية ، وبالمقابل لا يمكنك البقاء في حالة حركة دائمة ستحتاج إلى بعض السكون و الراحة ، ولا السكون أيضاً لفترات طويلة سيجلب لك الخير ، ففي المشافي مرضى يصعب عليهم الحركة و حتى مجرد التقلب في الفراش ، وإن لم يساعدهم أحد قد يتعرضون إلى قرحات و تموت نسج " خشكريشات " عند منطقة الظهر يصعب علاجها...
قدمت في الفقرتين السابقتين مثالين عن أهمية التنوع مثال من عالم الغذاء و آخر في الحركة و السكون ، لكن العبرة الأساسية تنسحب أيضا على عالم التفكير و القضايا المعنوية ، جميعنا يدرك أن الأفكار العليا و فهم المعتقدات وحتى النظريات العلمية ليست مستقرة ولا ثابتة ولا منزلة ، فالركون إليها و التمسك بها في عناد ، سيصيبك بالجمود و التحجر ، و سيسبقك الزمن إن ام تحتط له بفكر مرن يبحث في كل شيئ و ويتقبل كل فكر ، يناقشه وليس بالضرورة يتبناه ، لكن حتما سيجد فيه عناصر هو بحاجة إليها كما حاجته إلى الفيتامين A المرافق للألوان كالحمراء و البرتقالية في الجزر و القرع العسلي ...
في قوس قذح آيات ، وحديقةٌ فيها من كلّ الزهور هي الأجملُ من كلّ الحدائق
د. زكريا محمد عطوني
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليق