الطفل الوحيد...

تتباهى الأسر العربية بمزايا كانت يوماً ذات أهمية ، مثل تعدادها وكثرة أفرادها ، لتلبية متطلبات متعددة منها الإقتصادية و الإجتماعية و الدفاع عن أمن القبيلة من غزوات القبائل الأخرى ، كان ذلك في مرحلة تطورية للمجتمعات العربية تخضع لشروط تفرض ذلك ، لكن مع الوقت و بعد الثورة الصناعية و الإنتقال إلى مجتمعات مستقرة تحكمها سلطة الدولة التي تضمن لمواطنيها الأمان ، و توفرت فرص كثيرة لتلقي العلم والدخول في مجالات أعمال متعددة لم تكن زمن القبيلة ، كل ذلك إضافة لإصابة شرائح واسعة بالضيقالإقتصادي ، غيّر كثيراً في توجهات الأسر نحو إنجاب المزيد من الأطفال ، وتغيرت تلك التوجهات إلى تقديم فرص أكبر للأبناء في منحهم الإهتمام و التركيز على تنشئتهم عقلياً و فكرياً و صحياً و هذا سيكون عسيراً و مكلفاً جداً للأهل ، في حال وجود أبناء كثيرين ... اتضح ذلك جلياً في بيئات كثيرة كالمجتمع الصيني الذي قامت به الدولة بوضع محددات و شروط في كثير من مقاطعاتها لعدد الأطفال لكل أسرة ... قد يظن القارئ أني أدعوا إلى الأسرة ذات الطفل الوحيد لما لها من مزايا للطفل أو للوالدين لكن أيضا هناك سلبيات متعددة لتربية الطفل الوحيد ، هناك ضغوطات أكبر على الطفل و واجبات عليه القيام بها وحيدا و بنفس الوقت حرمانه من شعور الأخوة الذي يحتاجه في نمو شخصيته ولا يخفى أيضاً مايسمى الدلال من الأهل نتيجة خوفهم و حرصهم عليه مما يحرمه نسبيا الإعتماد على نفسه في أبسط الواجبات.. العائلات الأكثر وعياً اعتمدت حالة وسطية وهي الإكتفاء بطفلين أو ثلاثة كحد أقصى ، و كحلّ أقرب إلى الممكن من حيث منح الإهتمام و الرعاية للأبناء و تأمين الجانب النفسي للطفل فلا يشعر بالوحدة و يمارس بعض التنافسية الإيجابية مع أخوته كما تخف الأعباء عليه بتوزيع الواجبات على الجميع... أخيراً لا يفوتني أن أذكر دراسة جرت في الصين الشعبية ، حول الطفل الوحيد لأسرته ، وصلت إلى خلاصة تفيد أن هؤلاء الأطفال أكثر عدوانية في مجتمعاتهم ويعيشون كعناصر سلبية في بيئاتهم لا تؤمن مخاطرهم .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إبتسامة ذئب

غلطة قاتلة...

أنت أيضا لك عينان...