تيس البوكمال...
يمكن قياس سوية الوعي لدى الفرد و بالتالي المجتمع من ملاحظة طريقة مواجهته مع أي مسألة تعترضه وكثيرا ما لا تعكس مؤهلاته العلمية و درجته الأكاديمية تلك السوية... بل نتفاجأ بتصرفات غريبة و غير متوافقة مع ما هو مفترض من ثقافة و صورة نتوقعها...
منذ سنوات انتشرت في سوريا شائعة تيس البوكمال و زاع بين الناس أن ذلك التيس يفرز الحليب و أن حليب تيس البو كمال إن تناولته إمرأة عقيم حملت ، تلك القصة لم تثر لدي أكثر من الضحك و الأسف على عدم تطور الوعي في أوساطنا لكن ما صعقني عندما علمت أن فلاناً من معارفي و هو خريج جامعي و معروف في مجتمعه سافر و السيدة زوجته وهي جامعية أيضاً طالبين العون و الخلفة من التيس العجيب...
لقد اختلط الأمر عندي ولم أعد أعرف من التيس أهو التيس التيس أم التيس الذي اعتقد به و بقدراته الخرافية...
مثل هذا الدرك من الجهل مازال منتشراً في بيئاتنا العربية وله أنصاره و المدافعين عنه وهناك في أسواقنا معدات و إكسسوارات يعتمدها البعض بدعوى أنها ترد العين و الحسد أو تحمي الدار و أصحابه من المخاطر و النكبات إن تم تعليقها على باب البيت و تلك الأسلحة الدفاعية لها أشكال متنوعة أشهرها الخرزة الزرقاء و الكف و كذلك نضوة الحصان ...
في تقييمي لهذه الثقافة و تلك الأعمال أنها تعكس حالة العجز و وتخلف الوعي بشكل مثير ، فنلجأ في حل ما يواجهنا من عقبات وعثرات حياتية ، إلى بائعي الوهم و الخيال من محتالين و خبثاء و مشعوذين ، امتهنوا استغلال جهل الناس و حيرتهم و انسداد آفاقهم ، و ما كان ذلك ليحصل لو اتبعوا أعظم عطايا الله سبحانه للإنسان ، ألا وهو العقل الذي حضنا ربنا على إتباعه في آيته الكريمة :
يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلْإِنسِ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ فَٱنفُذُواْ ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَٰنٍۢ
وماهو السلطان الذي دلنا عليه رب السماوات غير العلم ، و القوانين العلمية التي لا نصل إليها إلا بإعمال العقل و البحث العلمي الحقيقي...
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليق