وراثة المهنة

يميل بعض الآباء إلى الإعتقاد أن نجاحهم في ترببة أطفالهم يتجسد بجعلهم نسخاً عنهم.. كان طفلاي أثناء لهوهما يحاولان تقليد عملي في العيادة ، فيتظاهر تمّام أكبرهما أنه طبيب أسنان يعالج أخاه الأصغر علاء الذي يفتح فاه لتلقي العلاج ، عندما تكرر ذلك المشهد أحضرت لهما مجموعة كاملة من الألعاب ، تمثل جميع أدوات طبيب الأسنان فرحا بها كثيراً ، و توسعت أعمالهما لتشمل بعض الأطفال الآخرين من الضيوف أو أولاد الجيران ، لكن بالنهاية هي لعبة ، ما لبثوا أن ركنوها جانباً و نسوا أمرها . كبر تمام و علاء ، و عند الوصول إلى مرحلة تحديد المسار لم يلتزم أي منهما بمهنة الوالد ، و لا حتى الوالدة طبيبة الأطفال بل اتجها إلى جوانب أخرى من الدراسة و العمل ، علاء كان حلمه دراسة الأدب الإنكليذي فاتجه إليه و تمام الأكبر اختص في الجراحة العظمية ، هم اختاورا مسارهم و كان لهم ، دون أي تأثير من توجيهات الأسرة آنذاك .. سعادتي بهم أنهما غير تقليديين ، لهم تفكيرهم الحر و القدرة على إتخاذ القرار و الإختيار ، عكس السائد في مجتمعاتنا ، فالمألوف ابن الخباز خباز و ابن المغني مغني ، وقد ترسخ ذلك في بعض الأسر التي اتخذت اسمها العائلي من مهنتها المتوارثة عبر السنين ، خياط و حداد و نجار و لحام ...الخ...ولا أظن ذلك إلا من باب القسرية ، و إجبار أطفال تلك العائلات في زمن ما لأطفالهم بملازمتهم في ورشات عملهم ، و توجيههم إلى ذات المهن ، فلا يجدون لاحقاً أمامهم خيارات ممكنة ، بل أي تبديل لمهنة الآباء يغلفه الكثير من القلق و الخوف من الفشل ...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إبتسامة ذئب

غلطة قاتلة...

أنت أيضا لك عينان...