المراهقون و الأنشطة الفنية

الإنخراط في الأنشطة الفنية يساعد المراهقين على تقليل السلوكيات المعادية للمجتمع وتحسين رفاهيتهم

في دراسة جديدة أجرتها كلية لندن الجامعية وجامعة فلوريدا ، وجد أن المراهقين الذين يشاركون في الأنشطة الفنية والثقافية بما في ذلك الدراما والرقص وحضور الأحداث الاجتماعية ، هم أقل عرضة للسلوك المعادي للمجتمع .
تم نشر هذه الدراسة في مجلة الشباب والمراهقة واستندت إلى بيانات أكثر من 25000 مراهق . قاست الدراسة مشاركة المراهقين في الأنشطة الفنية والثقافية. وشمل ذلك المشاركة في النوادي المدرسية والجوقات والفصول الفنية والمشاركة في الزيارات الميدانية مثل جولات المتحف وأنشطة القراءة وحتى الحفلات الموسيقية .
وجد فريق الباحثين أنه كلما زاد مشاركة المراهق في الأنشطة الفنية ، قل احتمال الإبلاغ عن السلوك المعادي للمجتمع ، وسوء السلوك ، ومشاكل السلوك ، والسلوك المحفوف بالمخاطر ، والأنشطة الإجرامية مثل سرقة المتاجر أو بيع المخدرات .

بخلاف ذلك ، وجدت الدراسة أيضاً أن المراهقين والشباب الذين شاركوا بنشاط في الأنشطة الفنية يتمتعون بضبط أفضل للنفس ويمكنهم التفريق بين السلوك المعادي للمجتمع والسلوك الاجتماعي الإيجابي .

لكن السؤال هو هل يمكن للفنون أن تساعد المراهقين في التمتع بصحة عقلية أفضل ورفاهية عامة ؟ هل يمكن أن يكون التعرض للفن للمراهقين مفيداً ؟

الفن يهم أكثر مما تعتقد

في الدراسة أعلاه ، ذكر المؤلفون أن مشاركة المراهقين في الأنشطة الفنية يمكن أن يكون لها تأثير كبير (وإيجابي) على صحتهم ورفاهيتهم بشكل عام . ويضيفون أيضاً أن فوائد ممارسة الفن والثقافة للشباب يمكن أن تؤدي إلى نتائج أكاديمية أفضل ، وتطلعات أعلى للمستقبل ، وسلوك عقلية مدنية عالية .

بالطبع ، تأخذ هذه النتائج في الإعتبار عوامل مثل عمر الطفل ، والجنس ، والثقافة ، والخلفية الاجتماعية والاقتصادية ، والخلفية الأسرية ، وظروف المعيشة ، وأي أنماط سابقة من السلوك المعادي للمجتمع أو المنحرف .

وفقًا للمؤلف الرئيسي للدراسة ، الدكتور جيس بون

"كان تعريفنا للفنون والمشاركة الثقافية واسعاً جداً . ويشمل الرقص والتمثيل في النوادي المدرسية والقراءة والذهاب إلى دور السينما والمتاحف والحفلات الموسيقية ودروس الموسيقى ، بالإضافة إلى الهوايات الأخرى التي يشارك فيها المراهقون بانتظام ".
يعد تحديد طرق خفض السلوك المعادي للمجتمع والمزعج لدى المراهقين أمراً مهماً لأن هذه السلوكيات والأنماط ، بمجرد تعيينها ، يمكن أن تستمر حتى مرحلة البلوغ ، مما يتسبب في آثار سلبية .

يحتاج المراهقون الآن إلى الشعور بالإرتباط بأنفسهم  أكثر من أي وقت مضى . الحاجة إلى الشعور بالانتماء ، والشعور بالعمل الجماعي أمر مهم ويمكن تحقيق ذلك من خلال المشاركة في الأنشطة الفنية والثقافية .
يمكن أن يأتي التعرض للفن للشباب كبرامج مدرسية أو مجتمعية يمكن أن تساعد حتى في حل النزاعات ، وتحسين الحضور ، وتقليل السلوكيات التخريبية ، وبناء احترام الذات ، وزيادة الكفاءة الذاتية ، وتعزيز المرونة ، وزيادة التعاطف ، وتحسين مهارات بناء الفريق ، و اكثر !

أين يواجه المراهقون المشاكل؟

المراهقون ، وخاصة الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 19 عامًا ، هم في تلك المرحلة من التطور حيث يتساءلون كثيراً عن هويتهم الذاتية وشعورهم بالهدف . يمكن أن تكون أزمة الهوية الصغيرة هذه والارتباك عاملاً في رحلة اكتشاف الذات . في هذه المرحلة ، غالباً ما يواجه المراهقون تحديات التكيف الداخلية والخارجية بما في ذلك الجوانب الاجتماعية والعاطفية والعلائقية والجسدية .
يمكن أن تتفاقم هذه التحديات وتمنع المراهقين من طلب التوجيه والمساعدة التي يحتاجون إليها . التحدي الآخر الذي قد يواجهونه هو إنكار مشاعرهم الحالية . إذا تجولت وسألت مراهقاً عن شعوره ، فإن الردود الأكثر شيوعاً التي ستسمعها ستكون إما "لا أعرف" أو "أشعر أنني بحالة جيدة".

يمكن لهذه العوامل أيضاً أن تمنعهم من الإنفتاح اللفظي والتعبير عن أفكارهم بوضوح .

هل يمكن للعلاج بالفنون التعبيرية أن يساعد ؟

العلاج بالفنون التعبيرية هو نهج استشاري قائم على العمل حيث يشجع عالم النفس العمل من خلال التعبيرات الإبداعية مثل الفن والرقص والحركات والموسيقى والشعر والكتابة والدراما أو مزيج من الجميع .
غالباً ما يستخدم هذا النوع من العلاج النفسي جنباً إلى جنب مع العلاج بالكلام ، وبالنسبة للمراهقين ، يمكن لهذا العلاج أن يقدم العديد من الطرق الإبداعية للمساعدة في التعبير عن مشاعرهم وعواطفهم وأفكارهم ، بل وحتى تعزيز نموهم النفسي .

يعتمد نهج العلاج هذا على الاعتقاد بأن الانخراط في الفنون الإبداعية لا يدعم الشفاء فحسب ، بل يمكن أن يوفر أيضاً مساراً مثمراً لمعالجة المشاعر وحل المشكلات وزيادة البصيرة والتعامل مع المشاعر القوية واكتساب الوعي الذاتي والتواصل مع الآخرين .

لا يركز هذا النهج العلاجي على الشفاء العقلي فحسب ، بل يركز أيضاً على الشفاء الجسدي والعاطفي والاجتماعي والروحي .
يمكن أن تشمل أنشطة العلاج بالفنون التعبيرية ما يلي :

• العلاج بالرقص

• علاج فني

• العلاج بالموسيقى

• العلاج بالدراما

• العلاج بالقراءة

الفنون التعبيرية للمراهقين وفوائدها

يمر المراهقون بالعديد من التجارب أثناء نموهم ، وفي بعض الأحيان ، قد لا يجدون سهولة في التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم الداخلية ، ويرجع ذلك في الغالب إلى الخوف من الرفض والحكم . تسمح الفنون التعبيرية للمراهق بالجمع بين الجوانب الاجتماعية والعاطفية والعقلية والجسدية للمساعدة في التعامل مع المشاعر القوية والتعبير عن المشاعر .

عندما ينخرط المراهق في أنشطة فنية تعبيرية ، فإنهم يشعرون بالإنجاز . مساهمتهم - سواء من خلال الفن أو الدراما أو العمل أو الكتابة - تجعلهم يشعرون بالقوة .
قد تساعد المشاركة في الأنشطة الفنية والثقافية أيضاً المراهق على تحقيق الحاجة الفسيولوجية للاستقلالية . يمكن أداء هذه الأنشطة بشكل فردي أو في مجموعات . بالنسبة للمراهقين ، يمكن أن يعني الاستقلال العمل من خلال نزاعاتهم دون تدخل الكبار ، لذلك تقدم الأنشطة الفنية حلاً وسطاً .

في ملاحظة جانبية ، المراهقون مبدعون بشكل طبيعي - سواء صدقوا ذلك أم لا . إنهم قادرون على التفكير المجرد ويمكنهم بسهولة التكيف مع الفنون . حتى أثناء التواصل اليومي مع المراهقين ، تتضمن التعبيرات الفنية مثل الصور والصوت والاقتباسات والميمات والرموز التعبيرية .

أفكار الكاتب

يمكن أن تساعد الفنون التعبيرية مثل الرقص ، والفن ، والدراما ، وتلاوة الشعر ، وحتى حضور الحفلة الموسيقية لمجموعتهم الموسيقية المفضلة ، المراهق على الشعور بالقبول والانفتاح والدعم . ليس هذا فحسب ، بل يعد الانخراط في الأنشطة الفنية طريقة رائعة للتعبير عن المشاعر وحل المشكلات وزيادة البصيرة وتنظيم عواطفهم .

توفر مناهج العلاج مثل العلاج بالفنون التعبيرية أيضاً للمراهقين مساحة آمنة لتعزيز مهاراتهم ، وتعلم كيفية إدارة العواطف ، والتعبير عن أفكارهم ، واستكشاف هويتهم الذاتية ، ووضع أسماء للعواطف التي يشعرون بها .

لذلك إذا بدا ابنك المراهق أكثر اهتماماً بالمشاركة في الأنشطة الفنية والثقافية ، فليكن ! يمكن أن يكون هذا هو السبيل الوحيد بالنسبة لهم لتحسين صحتهم العقلية ، وتقليل مخاطر السلوك المعادي للمجتمع ، وتعزيز رفاههم العام .

ترجمة دكتور عطوني عن :
Swarnakshi Sharma