البصيرة ...نعمة و نقمة
🌞البصيرة ...نعمة و نقمة
يُقال إن البصيرة نعمة، وأنا لا أنكر ذلك. لكنها نعمة ذات حدّين، كالسيف الذي يشقّ طريقه في الظلام، لكنه قد يصيبك قبل أن يبلغ هدفه. فكلما ازداد وعيك، اتسعت رؤيتك لما حولك من تشوهات فكرية، وانحرافات أخلاقية، وسلوكيات مشوّهة أصبحت تُسوّق على أنها قِيَم. ترى الكذب يُباع تحت اسم الدبلوماسية، والجبن يُلبس ثوب الحكمة، والتسلط يُقدَّم على أنه قيادة. وحين تبصر كل ذلك بوضوح لا يراه غيرك، لا يسعك إلا أن تتألم.
البصيرة تجعلك تقرأ ما بين السطور، تسمع ما وراء الكلمات، وتفهم ما يخفيه الساكتون. لكن هذا الفهم لا يمنحك الطمأنينة، بل يدفعك شيئًا فشيئًا إلى العزلة. تهرب إلى كهفك الخاص، حيث لا ضجيج ولا نفاق، حيث تستطيع أن تستعيد توازنك وسط هذا السيل من القبح المقنّع.
البصيرة قد لا تغيّر العالم، لكنها تغيّرك أنت. تصقل روحك، لكنها أيضًا تثقلها. تمنحك الضوء، لكنها تحرمك من سذاجة كانت تُزيّن الأيام بطُهرٍ عفوي.
هي هدية ثقيلة، لا يحتملها إلا من تعلّم كيف يعيش بنصف قلب في هذا العالم، والنصف الآخر في غارٍ لا يدخله سواه.
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليق