بريستيج المثقف...
في زمنٍ مضى، كنت أرتاد إحدى المكتبات العامة بشكلٍ منتظم، تلك المكتبة التي احتضنت بين جدرانها آلاف الكتب، تتنوع بين روائع الأدب، وكنوز العلوم، وأسرار الفلسفة، واستبصارات علم النفس. كنت أجد في ذلك المكان ملاذًا من صخب الحياة اليومية، ونافذة أطلّ منها على عوالم لا حصر لها.
لكن ما كان يلفتني — وربما يحزنني أحيانًا — أني كنت أسترق السمع لأحاديث بعض زوّار المكتبة، فلا أسمع منهم نقاشًا حول كتاب، أو جدلًا حول فكرة فلسفية، أو حتى انبهارًا بمعرفة جديدة. كانت معظم أحاديثهم تدور حول كرة القدم، نتائج المباريات، أو أسعار الخضار والسلع في الأسواق. وكأن تلك القاعة العابقة برائحة الورق والحبر، والتي احتضنت عبق العقول والمبدعين عبر القرون، تحوّلت إلى مجرد محطة استراحة، لا علاقة لها بجوهر ما تحمله الرفوف من كنوز معرفية.
كنت أتساءل في داخلي: أليس من الغريب أن نجلس بين هذا الإرث العظيم من الفكر الإنساني، ثم لا نتفاعل معه، لا نفتح له قلوبنا وعقولنا؟ وكأن الكتب حولنا مجرد ديكور صامت، لا حياة فيه.أو أن علاقتنا بالكتب هي مجرد بريستيج يكفي منها الغلاف ليقولوا فلان مثقف .
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليق